التنمية الاقتصادية المثلى والحل الصحيح
حتى لا يكون ما سبق هو نوع من النقد الهدّام أو الرفض للرفض، نسوق هذه الأفكار إلى المخلصين من المسلمين ليعملوا لها من أجل إصلاح الحال الاقتصادي الفاسد في البلاد الإسلامية، بل في العالم بأسره. وهذا الحل يقوم على الأسس التالية:
1 ) القيادة الفكرية الإسلامية هي وحدها الصحيحة، وهي وحدها القادرة على حل مشكلات الإنسان بحلول صحيحة منبثقة عن كتاب الله وسنة رسوله وما أرشدا إليه من أدلة شرعية.
2 ) النظرية الاقتصادية الإسلامية طُبّقت بنجاح منذ أقام الرسول r الدولة بالمدينة حتى سقطت في مطلع القرن العشرين، وهي وإن أسيء أحياناً تطبيق بعض الأحكام فيها إلا أنها كانت في أكثر الأحوال تتمتع برخاء اقتصادي وصناعي وثقافي يتناسب مع وضع الدولة الأولى في العالم. وأما ما يروى من الإسراف في جمع الضرائب أحياناً من قبل العباسيين والعثمانيين والمماليك فلا يبلغ معشار ما يجبى اليوم من ضرائب في العالم المتقدم أو المتأخر، وإنه وإن كان لا مبرر اليوم للضرائب الباهظة، لكنه بالنسبة لتلك الدولة الإسلامية يبرره ما كانت فيه من حروب مستمرة وفتوحات. كما أنه رغم الضرائب يندر أن تروى أخبار للدولة الإسلامية تشبه جائعي الدول المتقدمة أو المتأخرة. اللهم إلا في حالات المجاعات أو الحروب.
3 ) فلسفة النظرية الاقتصادية في الإسلام تقوم على الكفاية أولا للمحتاجين من بيت المال ومن الزكاة، وهذا ليس تشجيعاً على البطالة كما يزعم المرجفون، بل هو حق للفقير، وهو في أساسه حماية للغني من خوف الفقر وتشجيع له على المغامرة واستغلال رأس ماله في المجتمع باطمئنان.
4 ) سر التنمية الاقتصادية هو في صناعة الآلات وامتلاك تقانتها، لا في استيرادها واستخدامها في إنتاج السلع، وجدير بالذكر أن النبي r قد أرسل في فترة مبكرة من الدولة الإسلامية صحابيين يتعلمان صناعة الأسلحة في جرش اليمن.
وسر القوة التقانية هو في امتلاك التقانة العسكرية؛ لأنها أساس التقانة المدنية وأساس النهضة الاقتصادية بعامة للأسباب التالية:
أ ـ أغلى الآلات المستوردة هي الأسلحة، فإذا أنتجناها وفرنا أموالاً طائلة تنفق دون داع في شراء هذه الآلات.
ب ـ الأسلحة هي آلات قتال تستخدم في الحرب، أما في حالة السلم فإن أكثر هذه الآلات تستخدم في الحياة المدنية، ومن ثم فإن من يتقدم في هذه يتقدم في تلك بالضرورة. وجدير بالذكر أن أوائل الصناعات المدنية الكبرى في عصرنا هذا قد أنتجت للاستخدام الحربي أولاً، وعلى رأس هذه الصناعات: السيارات، وأجهزة الكمبيوتر، وشبكة الإنترنت.
ج ـ الإسلام حرّم أن يسبقنا الكفار في القوة العسكرية بشكل يجعل لهم سلطاناً علينا. ]ولن يجعل الله للكافرين على المؤمنين سبيلاً[ (النساء).
وأوجب الإعداد المستطاع ]وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة ومن رباط الخيل ترهبون به عدو الله وعدوكم[ (الأنفال/60) ومن ثم تصبح التقانة العسكرية واجبة في حقنا نحن المسلمين.
5 ) امتلاك التقانة لا يحتاج كما يزعم الانهزاميون إلى عقود طويلة، بل هو فقط يحتاج إلى تمويل، والمال موجود عند المسلمين رغم الفقر المشاهَد، وذلك لأن المشكلة هي مجرد سوء توزيع؛ كما أن أخذ المال من المسلمين لإقامة واجب شرعي كهذا يعتبر أخذاً مشروعاً بشرط أن يؤخذ من الأغنياء. ويجدر بالذكر أن المسلمين إذا دعوا إلى الإنفاق في سبيل الله وإلى امتلاك تكنولوجيا عسكرية فإنهم يبذلون أموالهم عن رغبة وسعادة، وليس أدل على ذلك من تظاهرات الفرحة التي قام بها الباكستانيون عند إنتاج القنبلة النووية واستعدادهم لتحمل الفقر في سبيل ذلك.
6 ) التقدم الاقتصادي يستلزم تطبيق النظام الاقتصادي في الإسلام كله باعتباره أحكاماً من عند اللّه، وهذا بدوره يستلزم تطبيق كافة أحكام الإسلام وعلى رأسها نظام الخـلافة.
7 ) لابد من نبذ الأفكار والمشروعات الرأسمالية الاستعمارية، وطرد النفوذ الغربي من بلادنا، وعدم اللهاث وراء المعالجات المحرّمة بحجة المصلحة والضرورة.
8 ) الخطوة العملية الأولى في كل هذا هي العمل مع التكتل الصحيح لإقامة دولة الخـلافة الراشدة لتطبيق أحكام الإسلام في الحكم والاقتصاد والاجتماع وغيرها...
]وعد الله الذين ءامنوا منكم وعملوا الصالحات ليستخلفنهم في الأرض كما استخلف الذين من قبلهم وليمكنن لهم دينهم الذين ارتضى لهم وليبدلنهم من بعد خوفهم أمنا يعبدونني لا يشركون شيئاً ومن كفر بعد ذلك فأولئك هم الفاسقون[ (النور)
انتهى ، مع الشكر